العلاقة بين الأنسان والتكنولوجيا
اصبح من السهل في عصر الأتصال الألكتروني خلق
"مجتمعات سيكولوجية" تقوم بتوسيع نطاق علاقاتنا عبر الوقت والمسافة، حتي
يتم في النهاية خلق "مجتمعات إفتراضية" التي تتكون من الناس الذين
نعرفهم فقط من خلال شبكات الأتصال ولعل هذا الأتجاه هو ما يقودنا إلي مجتمع ما بعد
الحداثة، وفي مجتمع ما بعد الحداثة تذوب الدول لتصبح كيانات هلامية، حيث يصبح
الناس اقل اهتماما ومشاركة في الاحداث التي تدور في العالم المحيط بهم، كما قد
يحدث العكس ايضا، لان تكنولوجيا المعلومات قد تكثف علاقات العائلات. إن المستقبل
يحمل معه مزيدا من الخيارات والبدائل ولابد ان ندرك اننا نعيش في خصم تحول اساسي
وجوهري في كمية حصول الافراد علي المعلومات والترفيه، وفيما يختارون الحصول عليه.
ويجب الا يعتقد البعض في مصر اننا بعيدون عن ذلك، لاننا في مصر كما في الصين
والسعودية وايران والمكسيك نقطن حارات او اذقة في القرية العالمية، التي تربطها
جيدا وسائل الاعلام والتكنولوجيا الحديثة.
من الواقع ان التكنولوجيا موجودة ويمكن لها
في ظروف مختلفة ان تكون مفيدة. انما يتعلق الامر باستخدام النظام الاجتماعي الحالي
للوسائل التقنية للإتصال السريع من اجل التشويش علي المعني او استئصاله في الوقت
الذي يزعم فيه ان هذه السرعة تعزز الفهم والاستثارة. ان اقتصاد المؤسسات الخاصة
متعددة الشركات يسئ تطبيق الوسائل التقنية للإتصال الحديث. فتكنولوجيا الاتصال
باستخداماتها الحالية تروج لتوجهات بلا تاريخ وبالتالي فهي توجهات مضادة للمعرفة
ويمكن وصفها بانها اداة تضليل سوف يتم التخلي عنها في الوقت الذي تخدم فيه سائسي
العقول "مغيبي العقول" من خلال اعاقتها الفعالة للفهم الشعبي. وليس
التليفزيون سوي الوسيلة الاحدث والابعد تاثيرا في مجال اشاعة السلبية الفردية
والواقع ان الاحصائيات المتعلقة بمشاهدة التلفزيون تبعث علي الذهول. اذا يمضي مئات
الملاين من الساعات اسبوعيا وبلايين الساعات سنويا امام التلفزيون والانترنت دون
اي تفكير. وفي اقتصاد السوق المتقدم تنطوي السلبية علي بعد بدني، وبعد ثقافي او
فكري، يجري استغلالهم ببراعة من خلال تقنية وتوجهات اجهزة السيطرة علي العقول. ان
هذا الاتحاد القاتل بين البرامج المسلوبة الحيوية بصورة قصدية، وبين تكنولوجيا
الاتصال تبعث علي الفتور والهمود الجسدي هو الية السيطرة علي العقول، ولقد اصبحت
الحاجة ماسة الي الجهود الخلاقة من اجل التغلب عليها، او علي الاقل موازنة هذا
النظام المشيع للسلبية.
لقد كان تطور الحاسبات سريعا جدا لدرجة اننا
لم نحصل علي حاسبات بسعر منخفض نسبيا بالنسبة لقوة الحاسب الا مؤخرا، واصبح لدينا
الان القدرة علي توجيه الجهد والمال لتطوير طريقة اتصال سهلة وسيطة بين الحاسب
والانسان، ويعتبر مضيعة للمال وتصرفا طائشا، وكان هذا بسبب ان امكانيات الحاسب
تعتبر مكلفة وعالية فكان لابد من التركيز علي المشكلة المطلوب حلها. وليس التركيز
علي اتصال الشخص بالحاسب.اذا يمكن القول ان التكنولوجيا وتطورها يعتبر سلاح ذو
حدين فإنه ليس بالضرورة ان الاعتماد الشديد علي التكنولوجيا امر ينذر بالخطر فقد
اثبتت الروبوتات اهميتها بصورة خاصة في بيوت رعاية المسنين في اليابان، لكن علينا
ان نحدد ايضا اي المهام يستطيع البشر ان يقوموا بها في صورة افضل، وايهما احسن ان
تقوم به الالة ام الانسان، فإذا تحدثنا عن التدريب مثلا فان الالة تفوق البشر في
بعض الانشطة التدريبية مثل تقديم المعلومات، ولكن من جهة اخري فان البشر افضل في
الارشاد والتوجيه والتشجيع وبناء العلاقات.
المراجع:
1) شريف درويش اللبان، تكنولوجيا الاتصال "المخاطر والتحديات
والتاثيرات الاجتماعية"، الدار المصرية اللبنانية، 2000، صـــ194،193
2) هربرت أ. شيللر؛ ترجمة: عبد السلام راضون، المتلاعبون بالعقول، عالم
المعرفة 234، صـــ37،36
3) نيكولاس نيجروبونت؛ ترجمة: سمير ابراهيم شاهين، التكنولوجيا الرقمية
"ثورة جديدة في نظم الحاسبات والاتصالات"، مركز الاهرام للترجمة
والنشر، 1998، صـــ122،121
تعليقات
إرسال تعليق